بعد مرور أكثر من عامين على “تحرير” الموصل، ما يزال المدنيون محرومين من العدالة ووسائل جبر الضرر- تقرير جديد

مضى أكثر من عامين على استعادة مدينة الموصل من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، لكن ما يزال المدنيون العراقيون محرومين إلى حد كبير من وسائل جبر الضرر المستحقة لهم من أطراف النزاع. وذلك كما جاء في التقرير الجديد “الموصل ما بعد المعركة: جبر الضرر اللاحق بالمدنيين و مستقبل نينوى” الصادر عن مركز سيسفاير لحقوق المدنيين ومجموعة حقوق الأقليات الدولية.نسخة من التقرير: الموصل ما بعد المعركة: جبر الضرر اللاحق بالمدنيين ومستقبل نينوى (يناير 2020)

مضى أكثر من عامين على استعادة مدينة الموصل من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، لكن ما يزال المدنيون العراقيون محرومين إلى حد كبير من وسائل جبر الضرر المستحقة لهم من أطراف النزاع. وذلك كما جاء في التقرير الجديد “الموصل ما بعد المعركة: جبر الضرر اللاحق بالمدنيين و مستقبل نينوى” الصادر عن مركز سيسفاير لحقوق المدنيين ومجموعة حقوق الأقليات الدولية.

فلقد تم تقديم ما يقدّر بـحوالي 35,000 طلب تعويض إلى الحكومة العراقية من قِبل ضحايا الحرب على التنظيم في الموصل – بمن فيهم الآلاف ممن فقدوا منازلهم أو أقرباءهم بسبب القصف الجوي للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. يجدر بالإشارة هنا أن الموصل قد لعبت دور العاصمة في دولة خلافة داعش لما يقارب الثلاث سنوات. ونظرًا لحدّة القتال وطول أمد المعركة ضد التنظيم، تحول جزء كبير من المدينة إلى ركام، وسقط ما بين 9000 إلى 11000 ضحية من المدنيين. وتسببت الضربات الجوية للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في سقوط ثاني أكبر عدد من الضحايا المدنيين.

“بينما يتخلى التحالف الدولي عن مسؤوليته، يُطلب من الحكومة العراقية دفع التعويضات لضحايا قصف التحالف الدولي،” يقول مارك لاتيمر، مدير مركز سيسفاير لحقوق المدنيين. “يجب على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأعضاء التحالف الأخرى تحمل مسؤولياتهم تجاه ضحايا الحرب، وإلا قد يتركون أرثًا من الغضب والاستياء في الموصل.”

بالرغم من أن القانون الدولي يلزم جميع أطراف النزاع بتقديم الجبر للضرر الناتج عن الانتهاكات بحق المدنيين، إلى انه لهذه اللحظة تقوم الحكومة العراقية بتحمل هذه المسؤولية وحدها. حيث يوفّر القانون العراقي رقم 20 حول “تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية” وسيلة للمدنيين للحصول على التعويض المالي عن الأضرار الجسدية و المادية الناتجة عن القتال في الموصل وغيرها من المدن. واعتبارا من منتصف العام 2017 و حتى تشرين الثاني/نوفمبر  2019، تمت معالجة 35,000 طلب مقدّم من سكان الموصل ومحافظة نينوى الذين عانوا تحت احتلال داعش أو أثناء الحملة العسكرية لاستعادة المدينة. وكانت 5,850 من هذه الطلبات متعلقة بحالات الاستشهاد [الوفاة] بينما 2,700 كانت متعلقة بحالات الإصابة الجسدية المتسببة  بإعاقة. كما تم إرسال نحو 24,000 طلب تعويض عن الضرر اللاحق بالممتلكات إلى بغداد للموافقة. و يتوقع بأن المجموع الكلي للتعويض الممنوح سيتجاوز المئة مليون دولار أمريكي.

ومع ذلك، تعد عملية دفع مبالغ التعويض بطيئة جدا، فإن إجراءات التنفيذ للقانون رقم 20 تتسم بالمماطلة و التعقيد كما تشوبها ادعاءات بالفساد، مما يترك الكثير من المدنيين عرضة لليأس والإحباط، كما يبين التقرير. و بالإضافة إلى ذلك، فإن الآليات المتبعة قد فشلت في إقرار المسئولية الكاملة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة عن جبر الضرر اللاحق بالمدنيين بسبب الأعمال غير المشروعة التي قام بها أعضاء التحالف.

كما يعوز القانون الاعتراف بطبيعة الجرائم الممنهجة والمستهدفة التي ارتكبت بحق الأقليات العراقية. فعلى سبيل المثال، فإن القانون يتجاهل كليا جرائم العنف الجنسي وتجنيد الأطفال التي مارسها تنظيم داعش ضمن منهج الإبادة الجماعية الذي استهدفت به الأقلية الأيزيدية. و ما يزال حوالي ال3000 من ابناء هذه الأقلية في أعداد المفقودين حتى يومنا هذا.

“إن دلالة جبر الضرر لا تتوقف عند تمكين المدنيين من إعادة بناء منازلهم أو الحصول على الرعاية الطبية، فإنه وسيلة للاعتراف بالضرر اللاحق بالإنسان ويسمح له باستعادة كرامته،” تقول ميريام بوتيك، مسؤولة حقوق المدنيين لدى مجموعة حقوق الأقليات الدولية. و تضيف أن: “هذا الأمر له أهمية خاصة لأبناء الأقليات، الذين تم استهدافهم في جوهر هويتهم خلال الصراع الأخير و تم الاعتداء على انتمائهم في المجتمع.”

و يوصي التقرير بتعزيز آلية “تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية” الموضوعة بموجب القانون رقم 20 من خلال تسهيل مستلزمات الأدلة الداعمة لطلبات التعويض. كما يوصي بضرورة وضع تشريعات جديدة للاعتراف بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في القانون الجنائي العراقي.

ويوصي التقرير أيضا بإنشاء برنامج أو صندوق تعويض شامل لمعالجة الأذية الناجمة عن أعمال التحالف ضمن الحملة ضد تنظيم داعش.

يؤكد لاتيمر،”كانت مدينة الموصل مركز المعركة ضد داعش ولهذا فإنها سترسم معايير العدالة الانتقالية في العراق”. و يضيف  أن “كيفية تعامل الحكومة العراقية و التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة مع ملف جبر الضرر في الموصل بمثابة اختبار سيحدد مستقبل العراق.”

اضغط هنا للحصول على النسخة الإنجليزية من هذا التقرير

Related Posts

في مناطق العراق المتنازع عليها، تسيطر المليشيات على حياة المدنيين – تقرير جديد

لم تولد الجماعات شبه العسكرية حديثاً بل لها تاريخ طويل في العراق، لكن النزاع مع داعش بين العامَيْن 2014 و2017 سرّع نموّها ووصولها إلى السلطة. ومن رحم النزاع نشأت قوات الحشد الشعبي، وهي مظلة ينضوي تحتها العديد من الفصائل المسلّحة الجديدة والقائمة والتي سرعان ما أصبحت شريكاً أساسياً في العمليات العسكرية ضد داعش وحظيت باعتراف

Read More »

الضحايا المدنيين المتوفين جراء الضربات الجوية ضد داعش 2014-2015

لقى أكثر من 4000 مدني مصرعهم جراء الضربات الجوية التي تم تنفيذها ضد مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في كل من العراق وسوريا، وذلك خلال الفترة من 2014-2015، وفق ما جاء في معلومات المراقبة المتاحة بحسب مصادر محلية موثوقة. وقد نجمت معظم تلك الوفيات، أي أكثر من 2800 حالة، جراء القصف العشوائي لقوات

Read More »

الجريمة الأبدية: وضع حد للاختفاء القسري في العراق – تقرير جديد

بعد عقود من الصراع والعنف السياسي، يستعد العراق لقلب صفحة الاختفاء القسري، كما جاء في تقرير جديد صدر عن مركز سيسفاير لحقوق المدنيين. في إطار القانون الدولي، يعتبر الاختفاء القسري ظاهرة تقوم فيها الجهات الحكومية بحرمان الأفراد من حريتهم وترفض بعد ذلك الاعتراف بما حدث لهم. قد ينتهي الأمر بسجن أو تعذيب أو قتل الأشخاص

Read More »

Search the site:

Recent news and reports:

Scroll to Top