الحد من الحرب عن طريق الحصار

الحد من فرض الحصار في الحرب

القيود الإنسانية على استخدام الحصار في الحرب

سيطرت على الصراعات شديدة الضراوة في الشرق الأوسط سلسلة من الحصارات الطويلة والوحشية. ومنها حصار المدن الرئيسية في العراق (الرمادي والفلوجة والموصل) وسوريا (حلب والرقة والغوطة الشرقية) بالإضافة إلى عشرات المدن والبلدات الصغيرة. ومازال حصار الحُديدة في اليمن مستمرًا مع تهديد السكان بالجوع. ومن المتوقع فرض سلسلة جديدة من الحصارات في إدلب السورية. وسواء فرضت هذه الحصارات القوات السورية / الروسية / الإيرانية أو التحالف الدولي ضد داعش أو التحالف الذي تقوده السعودية فإن هذه الحصارات أدت جميعها إلى معاناة مدنية جسيمة ومعدلات عالية من الضحايا بالإضافة الى دمار مادي هائل.

يمكن القول إن الحصار العسكري يشكل أكثر أشكال الحرب تدميرًا التي تمارس اليوم، وعلى الرغم من أن نمط وحجم الانتهاكات يختلف اختلافًا كبيرًا باختلاف الحالات لكن جميعها شهدت تآكل المعايير الإنسانية من قبل معظم أطراف النزاع.

هل من القانوني فرض حصار على مدينة؟

السمة الأكثر شيوعًا لوصف هذه الحصارات هي أنها تنتمي إلى “العصور الوسطى.” ومع ذلك غالبًا ما يتم فرض الحصار اليوم باستخدام الطائرات النفاثة، لكن تكنولوجيا الاتصالات الحديثة جعلت الاتصال اليومي بالمدنيين الذين يعيشون تحت الحصار ممكنًا. يبدو الأمر أن كلا من فارضي الحصار والقوات المحاصَرة مدفوعة بدوافع فاسدة لمنع المدنيين من مغادرة المناطق المحاصرة مما قد يؤدي إلى إطالة معاناتهم لسنوات.

بعد الحصارات المروعة التي شهدتها الحرب العالمية الثانية تغير الموقف القانوني من خلال اتفاقيات جنيف لعام 1949 وعلى وجه الخصوص بروتوكولاتها الإضافية عام 1977. ورد في معاهدات القانون الدولي الإنساني هذه:

  • إبرام اتفاقيات محلية لأجلاء المدنيين المستضعفين من المناطق المحاصرة مع السماح بمرور رجال الدين وأفراد الخدمات الطبية والمعدات (اتفاقية جنيف، المادة
  • يحظر تجويع المدنيين كوسيلة من وسائل الحرب وتدمير الأماكن التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة (البروتوكول الإضافي الأول، المادة54 ، البروتوكول الإضافي الثاني، المادة 14)
  • توفير أعمال الإغاثة الإنسانية لتخفيف معاناة المدنيين (البروتوكول الإضافي الأول، المادة 70، البروتوكول الإضافي الثاني، المادة 18).
  • توفير حماية كاملة للمدنيين والاماكن المدنية من الهجوم، وحظر الهجمات العشوائية والأفعال أو التهديدات التي تهدف إلى بث الذعر بين السكان المدنيين (البروتوكول الإضافي الأول، المادة 51).

بالإضافة إلى ذلك جمعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أدلة عن القانون الدولي العرفي لوضع قواعد محددة تعمل كمعايير معتمدة في النزاعات المسلحة غير الدولية والدولية. ومنها حظر تجويع المدنيين وتدمير الاماكن التي لا غنى عنها لبقاء المدنيين على قيد الحياة وحظر العقوبات الجماعية فضلاً عن تمكين المرور السريع ودون عوائق للإغاثة الإنسانية للمدنيين المحتاجين.

يشير العديد من خبراء قانون النزاعات المسلحة إلى أنه لا توجد قاعدة دولية تحظر الحصار في حد ذاته. ولذلك تواصل الدول ومنها الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن للأمم المتحدة والأطراف في البروتوكولات الإضافية استخدام الحصار في الحرب – مع ما يصاحبها من مصاعب شديدة على المدنيين – والدفاع عن شرعيته.

البحث عن طريق للمضي قدمًا

أدان مجلس الأمن والوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة تجويع السكان المحليين المحاصرين وسعوا إلى تحسين وصول المساعدات الإنسانية ولكنهم لم يحرزوا أي تقدمًا يذكر لمعالجة المشاكل الأساسية.

تؤمن سيسفاير أنه من الضروري وضع محتوى على أساسيات المحظورات الواسعة في معاهدات القانون الدولي الإنساني لبناء فهم ملموس للقيود القانونية، وجعل من الصعب على أطراف النزاع إلقاء اللوم على الطرف الآخر على حساب معاناة المدنيين.

قد يكون من غير الواقعي توقع تخلي المتحاربين عن استخدام الحصار في المستقبل القريب. ومع ذلك، فإن نشر الأعراف المتعلقة بحماية المدنيين وتطوير فهم مشترك أفضل للمعايير الإنسانية التي تحكم الحصار سيساعد على الحد من معاناة المدنيين ويساهم على المدى الطويل في بناء توافق في الآراء ضد استخدام الحصار كسلاح حرب ضد المدنيين.

راجع منشورات مدونة المجلة الأوروبية للقانون الدولي مثل منشورة الكاتبة جلوريا جاجيولي هل الحصار محظور بموجب القانون الدولي الإنساني المعاصر؟ وللكاتب مارك لاتيمر، مدير مركز سيسفاير، هل يمكن أن يكون التجويع العرضي للمدنيين عمل قانونيًا؟

الصورة © anasalhajj / Shutterstock.com

Scroll to Top